مولده ونشأته تكملة:

في بيرون كانت طفولة أبي الريحان وفيها نشأ وترعرع وتلقى علومه الأولى. وكان أبوه تاجراً صغيراً، من تجار بيرون، لكنه لم يضن على ولده بالرعاية وحسن التربية، غير أن الموت عاجله وابنه محمد ما زال صبياً يافعاً، فانتقلت أعباء تربيته إلى أمه فنهضت بتبعاتها الجسام ومسؤولياتها الكبار، فتقدم البيروني الصبي في العمر بخطوات متزنة ولم يلبث أن غدا عاشقاً للطبيعة، محباً لجمالها مكباً على زهورها ورياحينها. ويروى أنه كان منذ حداثته شغوفاً بالأزهار، يجمعها من البساتين، فيصنع منها الباقة تلو الباقة، وكأنه كان فرحاً بأن يتنسم عطرها وهو ينتشر في الآفاق. وكان هذا سبباً – على الأرجح – لتسميّة أمه إياه بأبي الريحان لا سيما بعد أن لمست عند ولدها هذه الهواية الرائعة فارتاحت إليها ولم تصرفه عنها، ومضت هي تكسب رزقها في أسواق بيرون لتستطيع القيام بواجب تربية فتاها الذي ظهرت عليه ملامح النبوغ منذ هذه المرحلة الأولى في حياته[2].


 

.[2] الطباع، عمر و الهاشمي، عبد المنعم. (1993). أبو الريحان البيروني: موسوعة العرب. بيروت: موسوعة المعارف. ص 32.